"زنوبيا" ملكة "تدمر" القوية.. ماذا حدث لابنة كليوباترا فى سجن روما؟

ملكة جمعت في تاجها بين القوة والجمال..
كسرت أنف روما بسياستها وحروبها، أذاقت الإمبراطورية
ويلات الهزائم ومرارة الفشل كأسا وراء أخرى، وصار اسمها كفيلًا
بتهديد عرش الأباطرة..
إنها "زنوبيا" حفيدة كليوباترا التي حاربت الرومان من قبل،
وفضلت لدغة الأفعى على حياة الأسر والهوان،
لكن ملكة "تدمر" لم تكن تعلم أن الأقدار كتبت لها قصة جدتها
مع اختلاف النهاية المأساوية، زوج يُقتل..
وسيدة تحكم الشرق وتصطدم بأقوى دول العالم،
وحين تخسر ملكها تفضل لعق السم بدلا من أن تكون سبية ذليلة.



فى عام ١٩٤٥م تصدرت الزباء أو "زنوبيا" ملكة تدمر غلاف مجلة
"فتاة الرافدين"، إحدى المجلات النسائية بالشرق الأوسط آنذاك،
حيث تناول الكاتب والصحفى جميل الشابندر، شخصيتها من خلال
التاريخ الرسمى، فى المجلة التى كانت تصدر عن العلاقات العامة
للقنصلية البريطانية فى العراق بالبصرة، والتى كان يتم توزيعها
فى كافة البلاد الناطقة باللغة العربية.

وللزباء ملكة "تدمر" القوية، والتى أطق عليها العرب "زينب"،
سيرتان فى تاريخنا، سيرة شعبية عربية متناثرة كراويات شفهية
ومرويات، أشهرها قصتها مع عمرو بن زيد وصيحتها الشهيرة
حين موتها والتى صارت مثلاًُ شعبيا يتم ترديده على الألسن
"بيدى لابيد عمرو"،
أما السيرة الآخري فهى لزنوبيا التى يعرفها الأثريون والمؤرخون،
المختلفة كل الاختلاف عن السيرة الشعبية،
حيث ظهرت الملكة العربية القوية على سطح الأحداث التاريخية
إبان الحروب الفارسية الرومانية.


زنوبيا ملكة تدمر

وقد تناول الشابندر سيرة ملكة تدمر معتمدا على مصادر تاريخية
موثقة، تناولت سيرة ومسيرة الملكة العربية التى أدعت انها من
أصل بطلمى وإغريقى، وكانت مثلها الأعلى "الملكة كليوباترا
السابعة" التى خاضت حروبا مثلها ضد الدولة الرومانية،
حتى وصفت نفسها أنها "ابنة كليوباترا".

أما مدينة تدمر مقر حكم الزباء فتقع على مسافة 150 ميلا
إلى الشمال الشرقى من دمشق العاصمة السورية حاليا،
وقد كانت زنوبيا مشهورة بجمالها وشجاعتها وذكائها،
وهو ما أهلها كى تتزوج من الملك أُذينة،
الذي كان يحمل لقب "رئيس المشرق".

وبالعودة إلى ذلك الزمان، كانت الممالك التى يحكمها العرب مجبرة،
إما الانحياز للدولة الفارسية أو الدولة الرومانية،
حيث أُجبر التدمريون على الانحياز للدولة للرومانية،
وأصبحت تدمر ممثلة فى مجلس الشيوخ الرومانى، وجعلت لها قنصلا،
وهو زوج الزباء أُذنية، الذي أراد استرداد ما خسرته روما فى حروبها،
إلا إنه قُتل هو وابنه الأكبر هيروبس فى أوج انتصاراته
فى معركة "حمص" عام 267م.

آل حكم تدمر لزوجته الزباء أو "زنوبيا" التى عقدت العزم على بسط
سلطانها على الدولة الرومانية،
وكان ابنها "هبة الله" مازال صغيرًا، إلا إنها صممت على تحقيق
حلمها، فقررت غزو مصر عام 270 م؛
بحجة إعادة مصر للدولة الرومانية، وسعيا على درب كليوباترا وابنها
قيصرون، فقد حكم ابن زنوبيا الصغير هبة الله مصر كشريك أساسى
فى الحكم فى عهد قلوديوس، وحملت زنوبيا لقب ملكة وابنها
هبة الله لقب ملك، ثم بسطت نفوذها على آسيا الوسطى.


زنوبيا ملكة تدمر

ومن المرويات عنها أنها اتقنت عددا من اللغات منها اللغة المصرية
القديمة "الهيروغليفية"، بجانب لغتها الأصلية اللغة الآرامية.

ظلت زنوبيا تدعى بذكاء أن ما تصنعه هو فى سبيل روما،
وقد نُقش اسم هبة الله على العملة التى ضُربت فى الإسكندرية
سنة 270م مع أورليان الأمبراطور الرومانى،
إلا إن أورليان تفرد بلقب "أغسطس"، وقد وُجدت نقوش فى
بابل العراقية عليها اسم "الزباء"، إلا إن أورليان نفسه شعر بخطر
كبير من الزباء، وأدرك ما فى سياستها من السيطرة وبسط النفوذ.

وتوضح مجلة "فتاة الرافدين"، أنه كان من المعروف عن زنوبيا
أنها تعبد الشمس، لذا فقد أقامت معبدًا للشمس مازال هو الأكبر
فى حقل الآثار التدمرية بسوريا، كما أنها دخلت فى مناقشات علمية
فى المسائل الدينية مع البطريرك الأنطاكى بولس السمساطى،
إلا إن كافة المؤرخين يجزمون أنها كانت تُحسن معاملة اليهود،
حيث ذُكر اسمها فى التلمود.


عدد مجلة فتاة الرافدين

أما عند المؤرخين العرب فقد شاعت الأساطير الكثيرة عنها،
فقد جعلها شيخ المؤرخين الطبري من نسل "العماليق العرب"
وهم من العرب البائدة.

انكشفت نيات الزباء حين قام ابنها بضرب العملة النقدية باسمه فقط
وخرج على روما، فأرسل الإمبراطور الرومانى أورليان حملة على مصر
قادها برويس سنة 270 ميلادية واستولى عليها، وقام بإعداد حملة
آخري على آسيا الصغري والشام فى العام التالى فهُزمت زنوبيا،
ودُمر جيشها فى تدمر، إلا إن الزباء قررت مقاومته فى أنطاكية
فانهزمت أيضا، بعد أن لحقت بها خسائر فادحة، فتقهقرت ناحية
حمص، وقد رفضت الاستسلام للرومان، وجمعت جيشها فى حمص
لتخوض حربُا أخري أخيرة ، لكنها انهزمت فى حمص أيضا مرة آخري ،
ولم يبق أمامها إلا الفرار ناحية قاعدة ملكها فى تدمر فتتبعها
أورليان بالرغم من وعورة الطريق، وحاصر مدينتها المنيعة.


عدد مجلة فتاة الرافدين

ويوضح جميل الشابندر أنه فى هذه الساعة العصيبة،
خذلت الشجاعة زنوبيا ففرت هى وابنها أن تلجأ إلى ملك الفرس
مستنجدة، إلا إنه قبض عليها على شاطىء الفرات،
ولما علم التدمريون ألقوا سلاحهم فنهب أورليان المدينة،
وقام بقتل كل قواد زنوبيا، إلا إنه أبقى على زنوبيا ومستشارها
العالم المعروف لونجينوس، وتم أسرها والذهاب بها إلى روما،
حيث يؤكد المؤرخون أنها استسلمت بعزة نفس وكبرياء
وأن كل ملابسها بيعت فى مزاد علنى فى روما وسط
تكالب الرومانيين لمشاهدتها.

عاد أورليان بزنوبيا إلى روما أسيرة مكبلة بأصفاد من الذهب،
إلا أن الملكة الأبية تنتهز الفرصة وتتجرع السم رفضا في المضى
بثياب الذل والمهانة، وتمنت لو أتيحت لها الفرصة كي تفعل مثلما
فعلت جدتها كليوباترا حين ارتضت بلدغة الأفعى،
وماتت ملكة على عرشها بدلا من أن تساق أسيرة إلى "روما".

قضت زنوبيا أيامها الأخيرة مع ابنها فى تيبور،
وقد عاشت كسيدة رومانية ولم تمض أشهر حتى ثارت تدمر
فعاد إليها أورليان ودمرها وقام بذبح أهلها ببشاعة،
إلا إن روما لم تستطع أن تمحو سيرة زنوبيا،
فمازال اسمها يتردد كأمرأة جميلة وشجاعة ومناضلة عربية
سواء فى سيرة شعبية عربية، أو فى تاريخ موثق يتناوله الأثريون
والمؤرخون فى جميع جامعات العالم.

الموضوع الأصلي: "زنوبيا" ملكة "تدمر" القوية.. ماذا حدث لابنة كليوباترا فى سجن روما؟ |~| الكاتب: راعية مشاعر |~| المصدر: منتديات بحر الامل

بحر الامل

بحر الامل

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات , مسابقات ، فعاليات ، قصص ، مدونات ، نكت , مدونات , تصميم , شيلات , شعر , قصص , حكايات , صور , خواطر , سياحه , لغات , طبيعة , مفاتيح , ستايلات , صيانه , تهيئة , قواعد , سيرفرات , استضافه , مناضر, جوالات

صقر معجب بهذا